أولا: حضــور الدروس الدينيه فى المســاجد
1-قال الرسول صلى الله عليه وسلم(مامن قوم يجتمعون على كتاب الله يتعاطونه
بينهم الا كانوا اضيافا لله والا حفتهم الملائكة حتى يقوموا ويخوضوا فى
حديث غير)رواه الطبرانى
2-عن ابن عباس قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(اذا مررتم برياض الجنة فارتعوا) ,قالوا:يا رسول الله,وما رياض الجنة؟ قال
مجالس العلم)رواه الطبرانى
3-وقال صلى الله عليه وسلم(لاينبغى للجاهل ان يسكت على جهله ولا العالم ان يسكت على علمه)
4-عن ابى هريرة رضى الله عنه :انه مر بسوق المدينه فوقف عليها فقال :يااهل السوق ,ما اعجزكم؟
قالوا:وما ذاك يا ابا هريرة؟
قال :ذاك ميراث رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم وانت هاهنا, الا تذهبون فتاخذوا نصيبكم منه.
قالوا :واين هو؟
قال:فى المسجد, فخرجوا سراعا ووقف ابو هريرة لهم حتى رجعوا.
فقالوا:ياابا هريرة,قد اتينا المسجد فدخلنا فيه فلم نر فيه شيئا يقسم.
فقال ابو هريرة:وما رايتم فى المسجد احدا؟
قالوا :بلى راينا قوما يصلون,وقوما يقرؤون القران وقوما يتذاكرون الحلال والحرام.
فقال لهم ابو هريرة: ويحكم, فذاك ميراث محمد صلى الله عليه وسلم .
ثــانــيا : الدعــاء
الحمد لله القائل [وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ
أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِي إِذَا دَعَانِي]، وأشهد أن لا إله إلا الله وعد
الداعين بالإجابة وأكرمهم بالزيادة، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله أكرم
من سأل ربه ودعاه صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ
حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ].
أيها المؤمنون الدعاء سهام الليل يطلقها الراكعون الساجدون والدعاء حبل
ممدود بين السماء والأرض يعرفه حق المعرفة المؤمنون الخاشعون هو الربح
للمخلصين بلا ثمن وهو المغنم للقانتين بلا عناء.
هو التجارة الرابحة الذي يستوي فيه الفقراء والأغنياء لكن عظم الربح يكون على قدر حضور القلب وانطراحه بين يدي الله.
الدعاء طريق الفوز والفلاح في الآخرة وهو السبب الرئيسي للسعادة في الدنيا
والآخرة بل هو الطريق لانشراح الصدر وسلامته وطهره وبعده عن الشوائب.
وقد جاء الأمر بالدعاء صريحاً في الكتاب والسنة بل جاء تسمية الدعاء عبادة
قال تعالى: [وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ
الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ
دَاخِرِينَ]، وقال صلى الله عليه وسلم: (الدعاء هو العبادة).
وخزائن الله ملآى يده سحاء تنفق الليل والنهار وملكه لا ينقص جاء في الحديث
القدسي: (يا عبادي لو أن أو لكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد
فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط
إذا أدخل البحر).
وربنا سبحانه وتعالى غفور رحيم يجود على عباده بالمغفرة مهما كانت ذنوبهم
إذا رجعوا إليه تائبين نادمين صادقين جاء في الحديث القدسي: (يا ابن آدم لو
بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي).
عباد الله والدعاء علامة على تحقيق الإيمان وتمكنه في القلب لأن الداعي
يتوجه إلى ربه ويدعوه فهو يوقن بأنه موجود يسمع ويقدر ويفعل ما يريد وهنا
يزداد يقين الداعي وخوفه من الله وإقراره بالتوحيد الخالص لله.
والدعاء صفة الملائكة عليهم السلام لأن أهم وظائفهم التسبيح والاستغفار
والدعاء للمؤمنين وصدق الله العظيم: [الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ
وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ
وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا ].
والدعاء صفة الرسل عليهم الصلاة والسلام جميعاً فقد دعا آدم ربه أن يغفر
ذنبه فغفر له ودعا نوح عليه الصلاة والسلام أن ينصره الله فقال: [إنِّي
مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ]، فنصره الله على قومه وأهلكهم بالطوفان ودعا
إبراهيم عليه الصلاة والسلام حين أضرمت عليه النيران فقال: (حسبي الله ونعم
الوكيل) فقال الله للنار: [كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ].
ودعا يونس عليه الصلاة والسلام ربه لما ابتلعه الحوت فقال: [لا إِلَهَ
إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنْ الظَّالِمِينَ]، فاستجاب الله
دعاه ونجاه من الغم وكذلك ينجي المؤمنين.
ودعا سليمان عليه الصلاة والسلام فقال: [رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لأَحَدٍ]، فأتاه الله ما طلب.
ودعا موسى عليه الصلاة والسلام عندما أدركه فرعون وقومه فاستجاب الله له وفلق البحر له وأغرق فرعون وقومه.
ودعا محمد عليه الصلاة والسلام في مواقف عديدة فاستجاب الله دعاءه وأظهر
أمره ونصره على القوم الكافرين وقد ذكر الله ذلك في قصة الهجرة ومعركة بدر
ويوم الأحزاب وغيرها.
والدعاء صفة المؤمنين الخاشعين والأولياء المتقين يدعون ربهم ليل نهار
فيتحقق مطلوبهم وينالون مرغوبهم ويفرج الله همومهم وينفس مكروبهم وهم بذلك
يتقربون إلى الله ويتعبدون بالدعاء فهو سلاحهم وهو سلوتهم في خلوتهم لأنهم
يعلمون فضل الله عليهم ويعلمون حاجتهم إلى خالقهم وضعف أحوالهم وتمام غنى
خالقهم ورازقهم فهم لا يستغنون عن ربهم طرفة عين.
عباد الله والناظر في أحوال الناس اليوم يرى قلة الدعاء وأن الناس يبذلون الأسباب المادية بكل عناية ودقة لكن يتهاونون بالدعاء.
والله جل وعلا أمره كن فيكون ومع ذلك كثرت الأمراض الغريبة وعمت المصائب
وتنوعت الابتلاءات والناس غافلون عن اللجوء إلى ربهم والتعلق بخالقهم
ومدافعة البلاء بالدعاء بقدر الاستطاعة مع بذل الأسباب المادية والصبر
والمجاهدة.
والدعاء له مع البلاء ثلاث حالات فإما أن يكون الدعاء أقوى من البلاء فيرده
بإذن الله، وإما أن يكون البلاء أقوى فيخففه الدعاء، وإما أن يتساويا في
القوة فيعتلجا إلى يوم القيامة، قال صلى الله عليه وسلم : (ما على الأرض
مسلم يدعو الله تعالى بدعوة إلا أتاه الله إياها أو صرف عنه من السوء
بمثلها ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم فقال رجل من القوم إذاً نكثر يعني من
الدعاء قال صلى الله عليه وسلم الله أكثر).
وصدق الله العظيم: [وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ
أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِي إِذَا دَعَانِي فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي
وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات
والعظات والذكر الحكيم أقول ما سمعتم فاستغفروا الله يغفر لي ولكم إنه هو
الغفور الرحيم.
ثالــثا : حفظ القرأن الكــريم
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: ((أيحب أحدكم إذا رجع إلى أهله أن يجد فيه ثلاث خلفات عظام
سمان، قلنا: نعم، قال فثلاث آيات يقرأ بهن أحدكم في صلاته خير له من ثلاث
خلفات عظام سمان)).
أخرجه مسلم: حديث/ 802، 1/552، وابن ماجة: حديث/ 3782، 2/1243، وأحمد: حديث/9141، 2/296، والدارمي: حديث/ 3314، 2/523.
عن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((خيركم من تعلم القرآن وعلمه)).
أخرجه البخاري: حديث/ 4739، 4/1919، وابن حبان: حديث/ 118، 1/324،
والترمذي: حديث/ 2907، والنسائي في الكبرى: 8037، 5/19، وأبو داود: حديث/
1452، 2/70، 5/173، وأحمد: حديث/ 500، 1/69، والدارمي: حديث/ 3337، 2/528.
وفي رواية عند البخاري أيظاً: عن عثمان - رضي الله عنه - قال: قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: أفضلكم من تعلم القرآن وعلمه.
عن على - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خياركم من تعلم القرآن وعلمه)).
أخرجه أحمد: حديث/ 1317، 1/153، والدرامي: حديث/ 3337، 2/528، وابن أبي شيبة: 30072، 6/132. [صحيح].
عن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -
قال: ((يقال لصاحب القرآن: إقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فإن
منزلتك عند آخر آية تقرؤها)).
أخرجه الترمذي: حديث/ 3914، 5/177، وأبو داود: حديث/ 1464، 2/73. [ صحيح ].
رابعــا : الصحبه الصــلحه
{ الأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ } [الزخرف:67]
{ وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يلَيْتَنِي
اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً. يوَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ
فُلاَناً خَلِيلاً. لَّقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ
جَآءَنِي } [الفرقان:27- 29].حذرالإسلام المسلمين من سوء اختيار الصحبة و
بالذات رفقاء السوء، الذين يجاهرون بالمعاصي ويباشرون الفواحش دون أي وازع
ديني و لا أخلاقي لما في صحبتهم من الداء، وما في مجالستهم من الوباء، وحث
المسلم على اختيار الصحبة الصالحة و الارتباط بأصدقاء الخير الذين إذا نسيت
ذكروك، وإذا ذكرت أعانوك.
ومن الصفات التي ينبغي أن يتحلى بها الصديق حتى يكون صديقاً صالحاً:
الوفاء- الأمانة- الصدق- البذل- الثناء- والبعد عن ضد ذلك من الصفات.
والصداقة إذا لم تكن على الطاعة فإنها تنقلب يوم القيامة إلى عداوة، كما
توضح الأيات والأحاديث. { الأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ
عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ } [الزخرف:67] و { وَيَوْمَ يَعَضُّ
الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ } الآية. نزلت هاتين الآييتين الكريمتين في أمية
بن خلف الجمحي، وعقبة بن أبي مُعَيْط، وذلك أن عقبة كان يجالس النبي صلى
الله عليه وسلم، فقالت قريش: قد صبأ عقبة بن أبي معيط، فقال له أمية: وجهي
من وجهك حرام إن لقيت محمداً ولم تتفل في وجهه، ففعل عقبة ذلك، فنذر النبي
صلى الله عليه وسلم قتله، فقتله يوم بدر صبرا، وقتل أمية في المعركة. وقال
ابن عباس في تفسيرها { الأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ } يريد يوم القيامة.
{ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ } أي أعداء، يعادي بعضهم بعضاً ويلعن بعضهم بعضاً.
{ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ } فإنهم أخلاء في الدنيا والآخرة، نرجوا من الله أن
نكون منهم. وذكر الثعلبي رضي الله عنه في هذه الآية قال: كان خليلان
مؤمنان وخليلان كافران، فمات أحد المؤمنين فقال: يا رب، إن فلاناً كان
يأمرني بطاعتك، وطاعة رسولك، وكان يأمرني بالخير وينهاني عن الشر. ويخبرني
أني ملاقيك، يا رب فلا تضله بعدي، واهده كما هديتني، وأكرمه كما أكرمتني.
فإذا مات خليله المؤمن جمع الله بينهما، فيقول الله تعالى ( لِيُثْنِ كل
واحد منكما على صاحبه )، فيقول : يا رب، إنه كان يأمرني بطاعتك وطاعة
رسولك، ويأمرني بالخير وينهاني عن الشر، ويخبرني أني ملاقيك، فيقول الله
تعالى ( نعم الخليل ونعم الأخ ونعم الصاحب كان )، قال: ويموت أحد الكافرين
فيقول: يا رب، إن فلاناً كان ينهاني عن طاعتك وطاعة رسولك، ويأمرني بالشر
وينهاني عن الخير، ويخبرني أني غير ملاقيك، فأسألك يا رب ألا تهده بعدي،
وأن تضله كما أضللتني، وأن تهينه كما أهنتني؛ فإذا مات خليله الكافر قال
الله تعالى لهما ( لِيُثْنِ كل واحد منكما على صاحبه )، فيقول : يا رب، إنه
كان يأمرني بمعصيتك ومعصية رسولك، ويأمرني بالشر وينهاني عن الخير ويخبرني
أني غير ملاقيك، فأسألك أن تضاعف عليه العذاب؛ فيقول الله تعالى ( بئس
الصاحب والأخ والخليل كنت ).
فيلعن كل واحد منهما صاحبه. والآية عامة في كل مؤمن وكافرومضل. وجاء عن
النبي عليه أفضل الصلاة والسلام أحاديث عديدة تحثُ المسلمين لاختيار الصحبة
الصالحة ومنها: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ اِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ
الْوَاحِدِ، حَدَّثَنَا اَبُو بُرْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ
سَمِعْتُ اَبَا بُرْدَةَ بْنَ اَبِي مُوسَى، عَنْ اَبِيهِ ـرضي الله عنه-
قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « مَثَلُ الجليس
الصَّالِح و الجَليس السَّوْءِ كَمَثَلِ صَاحِبِ الْمِسْكِ، وَكِيرِ
الْحَدَّادِ، لاَ يَعْدَمُكَ مِنْ صَاحِبِ الْمِسْكِ إِمَّا تَشْتَرِيهِ،
أَوْ تَجِدُ رِيحَهُ، وَكِيرُ الْحَدَّادِ يُحْرِقُ بَدَنَكَ أَوْ ثَوْبَكَ
أَوْ تَجِدُ مِنْهُ رِيحاً خَبِيثَةً » . متفق عليه، واللفظ للبخاري. و
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ، وَأَبُو
دَاوُدَ قَالاَ حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنِي مُوسَى
بْنُ وَرْدَانَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى
الله عليه وسلم « الرَّجُلُ عَلَى خَلِيله فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ
يُخَالِلُ » قَالَ الترمذي هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ و أبو داوود.
وحدثنا عبد الله بن عمر بن أبان, حدثنا علي بن هاشم بن البريد, عن مبارك بن
حسان, عن عطاء عن ابن عباس قال: قيل يا رسول الله، أي جلسائنا خير؟ قال: «
من ذكَّركم بالله رؤيته وزاد في علمكم منطقه وذكركم بالآخرة عمله » . رواه
أبو يعلى الموصلي.
اعلموا إخواني بأن المسلم مطلوب منه أن يحسن اختيار أصدقائه، لأنه يتأثر
بعملهم و أخلاقهم، فإن كانوا أصدقاء سوء تأثر بهم و بأخلاقهم السيئة، وإن
لم يشاركهم أعمالهم السيئة، فأنه وافقهم عليها وهذا أثم كبير يقع عليه،
ويصنف تبعاً لهم. و صدق من قال:
عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه
فكل قرين بالمقـــــــارن يقتــــــــدي
و إن كانوا أصدقاء خير تأثر بأخلاقهم الحميدة وأعمالهم المرضية لله عزوجل،
وكانوا له عوناً على طاعة المولى عز وجل، و بينون له مواطن العلل فيعمد إلى
إصلاح نفسه، لأن هناك من يذكره بتقوى الله ويذكره بالموت وأجله، والقبر
وظلمته والقيامة و أهوالها، والنار وعذابها والجنة و نعيمها. وفي حديث رواه
أبو داوود قال: حدثنا الربيع بن سليمان المؤذن حدثنا بن وهب عن سليمان
يعني بن بلال عن كثير بن زيد عن الوليد بن رباح عن أبي هريرة عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال: "مرآة المؤمن والمؤمن أخو المؤمن، يكفُّ عليه
ضيعته ويحوطه من ورائه" رواه أبو داود.
وتخيل أخي المسلم كم من فائدة تجنيها من مجالسة الأخيار، و كم من معصية
وضرر يصيبك من مجالسة الأشرار. و أفضل ما يمكن ذكره هنا أن مجالسة الأخيار
جالبة لمحبة الله كما في الحديث الذي رواه الأمام مالك في موطأه:
َحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي حَازِمِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي
إِدْرِيسَ الْخَوْلاَنِيِّ، أَنَّهُ قَالَ دَخَلْتُ مَسْجِدَ دِمَشْقَ
فَإِذَا فَتًى شَابٌّ بَرَّاقُ الثَّنَايَا وَإِذَا النَّاسُ مَعَهُ إِذَا
اخْتَلَفُوا فِي شَيْءٍ أَسْنَدُوا إِلَيْهِ وَصَدَرُوا عَنْ قَوْلِهِ
فَسَأَلْتُ عَنْهُ فَقِيلَ هَذَا مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ . فَلَمَّا كَانَ
الْغَدُ هَجَّرْتُ فَوَجَدْتُهُ قَدْ سَبَقَنِي بِالتَّهْجِيرِ
وَوَجَدْتُهُ يُصَلِّي -قَال- فَانْتَظَرْتُهُ حَتَّى قَضَى صَلاَتَهُ
ثُمَّ جِئْتُهُ مِنْ قِبَلِ وَجْهِهِ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ ثُمَّ قُلْتُ:
وَاللَّهِ إِنِّي لأُحِبُّكَ لِلَّهِ . فَقَالَ: آللَّهِ؟ فَقُلْتُ
آللَّهِ . فَقَالَ آللَّهِ؟ فَقُلْتُ آللَّهِ . فَقَالَ آللَّهِ؟
فَقُلْتُ آللَّهِ . قَالَ فَأَخَذَ بِحُبْوَةِ رِدَائِي فَجَذَبَنِي
إِلَيْهِ وَقَالَ: أَبْشِرْ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله
عليه وسلم يَقُولُ « قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَجَبَتْ مَحبِتي
لِلْمُتَحَابِّينَ فِيَّ، وَالْمُتَجَالِسِينَ فِيَّ وَالْمُتَزَاوِرِينَ
فِيَّ وَالْمُتَبَاذِلِينَ فِيَّ » . رواه مالك وصحح إسناده ابن عبد البر
والمنذري والنووي.
واعلموا إخواني أنه من الفوائد الأخرى التي يجنيها المسلم في مجالسة
الأخيار أيضاً، حصوله على بركتهم كما في الحديث الذي رواه الأمام مسلم:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمِ بْنِ مَيْمُونٍ، حَدَّثَنَا بَهْزٌ،
حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا سُهَيْلٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ « إِنَّ لِلَّهِ
تَبَارَكَ وَتَعَالَى مَلاَئِكَةً سَيَّارَةً فُضْلاً يَتَبَّعُونَ
مَجَالِسَ الذِّكْرِ فَإِذَا وَجَدُوا مَجْلِسًا فِيهِ ذِكْرٌ قَعَدُوا
مَعَهُمْ وَحَفَّ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِأَجْنِحَتِهِمْ حَتَّى يَمْلَئُوا
مَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَإِذَا تَفَرَّقُوا
عَرَجُوا وَصَعِدُوا إِلَى السَّمَاءِ -قَالَ- فَيَسْأَلُهُمُ اللَّهُ
عَزَّ وَجَلَّ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ مِنْ أَيْنَ جِئْتُمْ فَيَقُولُونَ
جِئْنَا مِنْ عِنْدِ عِبَادٍ لَكَ فِي الأَرْضِ يُسَبِّحُونَكَ
وَيُكَبِّرُونَكَ وَيُهَلِّلُونَكَ وَيَحْمَدُونَكَ وَيَسْأَلُونَكَ, قَالَ
وَمَاذَا يَسْأَلُونِي قَالُوا يَسْأَلُونَكَ جَنَّتَكَ, قَالَ وَهَلْ
رَأَوْا جَنَّتِي؟ قَالُوا لاَ أَىْ رَبِّ, قَالَ فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْا
جَنَّتِي؟ قَالُوا وَيَسْتَجِيرُونَكَ , قَالَ وَمِمَّ يَسْتَجِيرُونَنِي؟
قَالُوا مِنْ نَارِكَ يَا رَبِّ, قَالَ وَهَلْ رَأَوْا نَارِي؟ قَالُوا
لاَ, قَالَ فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْا نَارِي؟ قَالُوا وَيَسْتَغْفِرُونَكَ
-قَالَ- فَيَقُولُ قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ فَأَعْطَيْتُهُمْ مَا سَأَلُوا
وَأَجَرْتُهُمْ مِمَّا اسْتَجَارُوا -قَالَ- فَيَقُولُونَ رَبِّ فِيهِمْ
فُلاَنٌ عَبْدٌ خَطَّاءٌ إِنَّمَا مَرَّ فَجَلَسَ مَعَهُمْ، قَالَ
فَيَقُولُ وَلَهُ غَفَرْتُ هُمُ الْقَوْمُ لاَ يَشْقَى بِهِمْ جليسهم »
رواه مسلم وقد قال ابن الجوزي: رفيق التقوى رفيق صادق، ورفيق المعاصي غادر،
مهر الآخرة يسير، قلبٌ مخلص، ولسانٌ ذاكر، إذا شبت ولم تنتبه، فاعلم أنك
سائر.